المقدمة
لو تراحم الناس فيما بينهم ما كان في الوجود عار ولا محتاج وما تطاول غني على فقير ولا نظر بائس بعين الحقد على مترف غني إن مجتمعنا العربي يضم في تركيبته كل هذه الشرائح ولعل فئة الفقراء في انتشار مذهل ولكن رب قائل يقول لكل ظاهرة سبب أجل إن ظاهرة الفقر تمس فئات عديدة وللقضاء عليها لا بد من تكاثف الجهود وعلى الأغنياء أن يلعبوا دورهم للتخفيف من معاناة البؤساء وعليهم أن يمتثلوا بقول القائل " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "
إن الحديث عن الفقر والفقراء يدفعنا حتما للتعريج ولو في عجالة إلى إلقاء الضوء على البخلاء إنهم شريحة منبوذة في المجتمع كيف لا وهم يملكون المال ولكن إخراجه من المحال إذ ترى الواحد منهم قد يفرط لا بل يهمل فلذة كبده ولا يتجرأ على إنفاق دينار واحد وأنا أسير في شارع مدينتنا استدعى انتباهي ذات مرة حوار كان يدور بين غني وفقير ولسوء الطالع انضم إليهم بخيل ودخلوا الثلاثة في حوار ساخن انعته إن شئت بالجدال البيزنطي
الفقير : السلام عليكم
الغني : وعليكم
الفقير : قل على الأقل وعليكم السلام
الغني : أو تريد تأديبي
الفقير : لا يا سيدي سامحني ليس ذالك هو قصدي
البخيل : حتى متى نبقى نتحمل مثل هذا الصنف من البشر
الفقير : و أنت ما دخلك
البخيل : إن جئنا للحقيقة أنا الذي أقول لك ما دخلك أو لم تسمع بقول الحكيم " من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه "
الغني : الحق عليا عندما اقحمت نفسي معك في الحوار
الفقير : أو تبيع كلامك غالبا يا سيدي
الغني : اخرس أيها الأحمق
الفقير : أما قلت لك سامحني
البخيل : سامحتك
الفقير : لا يا سيدي أنا لا أقصدك ألم أقل لك من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه
الغني : سامحتك من كل قلبي وأشهد الله والأشهاد إنك رجل طيب ورأس مالك صبرك وطيبتك وما كنت أتوقع أن المجتمع به أناس طيبون من هذا الطراز
الخاتمة
وفي ختام هذا الحوار اقتنع الفقير والغني وتفاهما فيما بينهما ولكن البخيل ابتعد منها وصار يرقب على مضض دون أن يفهم شيئا ومن هذا نستنتج أن التفاهم قد يكون ممكنا بين الأغنياء والفقراء بقليل من الحكمة ولكن التفاهم مع بخيل فهيهات هيهات.