عن صحيفة الاهرام الخميس 19شباط 2009 / العدد 44635
الصفحة الاولى
الطيب صالح ينهي هجرته للشمال
ويودع الحياة في شتاء لندن
كتبت ـ أسماء الحسيني:
في هدوء وصمت ميزا شخصيته ومسيرة حياته, رحل عن عالمنا أمس الأديب السوداني الكبير الطيب صالح عن عمر يناهز80 عاما بعد رحلة حافلة بالعطاء والإبداع, رحل في زمهرير شتاء لندن, ليكتب آخر فصل من فصول هجرته إلي الشمال, تماما مثل اسم روايته الرائعة موسم الهجرة إلي الشمال التي تعد من أهم روايات القرن العشرين في العالم العربي, هذه الهجرة التي قادت مشاعره وأحاسيسه وخياله إلي الكتابة عن بلده السودان الذي يقبع جنوبا, يوم أحس بغربة خانقة في لندن, التي هاجر إليها للعمل كمذيع بهيئة الإذاعة البريطانية, فولدت فيه الرغبة لمد الجسور مع وطنه وعوالمه الأولي بالكتابة عنها, لعل ذلك يبعث في نفسه شيئا من الطمأنينة والإحساس بالأمان.
وإلي الطيب صالح ينسب الفضل في تقديم الثقافة والأدب السوداني إلي مختلف أنحاء العالم من خلال رواياته ومؤلفاته وكتاباته, التي ترجم العديد منها إلي عدد من اللغات, ومن بينها دومة ود حامد, و بندر شاه و عرس الزين, وغيرها من الأعمال المثيرة للدهشة, التي قدمت لنماذج وبيئات إنسانية شديدة الخصوصية, والتي توالي صدورها منذ بدء ظهوره علي الساحة الأدبية في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي, وقدمها في مصر بكل حماس الراحلان أحمد بهاء الدين ورجاء النقاش في روايات الهلال.
هناك إجماع علي شخصية الطيب صالح الإنسانية المتفردة, يقول عنه الكاتب والأديب السوداني الدكتور حسن أبشر الطيب: ما عرفت إنسانا في حياتي اسمه مثل وصفه مثل الطيب صالح, فهو طيب إلي منتهي حدود الطيبة, وصالح تتجسد فيه سمات الشيوخ المتصوفين من عباد الله الصالحين, وهو الأمر نفسه الذي يؤكده الروائي المصري محمد البساطي, الذي يقول: إن الطيب صالح تمتع بحب كبير بين المثقفين المصريين بسبب شخصيته الظريفة وتواضعه وبساطته الحقيقية, فهو أديب بسيط غير متكلف وغير مصنوع.
أدب الطيب صالح مثله مثل أدب نجيب محفوظ ويحيي حقي وغيرهما من الأدباء العظام الذين تؤكد أعمالهم فكرة أن المحلية والخصوصية هي التي تقود إلي العالمية, وليس الاغتراب ومحاولة تقليد الآخرين. وقد عبر الطيب صالح بصدق ـ كما يقول الروائي المصري فؤاد قنديل ـ عن سمات البيئة السودانية المحلية, وكشف عن قيمها ومفرداتها ومعالمها وطقوسها ولهجاتها في نسق سردي مبهر, كما كشفت أعماله عن شخصية ثرية غير متعصبة وغير متحجرة.
الصفحة الاولى
الطيب صالح ينهي هجرته للشمال
ويودع الحياة في شتاء لندن
كتبت ـ أسماء الحسيني:
في هدوء وصمت ميزا شخصيته ومسيرة حياته, رحل عن عالمنا أمس الأديب السوداني الكبير الطيب صالح عن عمر يناهز80 عاما بعد رحلة حافلة بالعطاء والإبداع, رحل في زمهرير شتاء لندن, ليكتب آخر فصل من فصول هجرته إلي الشمال, تماما مثل اسم روايته الرائعة موسم الهجرة إلي الشمال التي تعد من أهم روايات القرن العشرين في العالم العربي, هذه الهجرة التي قادت مشاعره وأحاسيسه وخياله إلي الكتابة عن بلده السودان الذي يقبع جنوبا, يوم أحس بغربة خانقة في لندن, التي هاجر إليها للعمل كمذيع بهيئة الإذاعة البريطانية, فولدت فيه الرغبة لمد الجسور مع وطنه وعوالمه الأولي بالكتابة عنها, لعل ذلك يبعث في نفسه شيئا من الطمأنينة والإحساس بالأمان.
وإلي الطيب صالح ينسب الفضل في تقديم الثقافة والأدب السوداني إلي مختلف أنحاء العالم من خلال رواياته ومؤلفاته وكتاباته, التي ترجم العديد منها إلي عدد من اللغات, ومن بينها دومة ود حامد, و بندر شاه و عرس الزين, وغيرها من الأعمال المثيرة للدهشة, التي قدمت لنماذج وبيئات إنسانية شديدة الخصوصية, والتي توالي صدورها منذ بدء ظهوره علي الساحة الأدبية في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي, وقدمها في مصر بكل حماس الراحلان أحمد بهاء الدين ورجاء النقاش في روايات الهلال.
هناك إجماع علي شخصية الطيب صالح الإنسانية المتفردة, يقول عنه الكاتب والأديب السوداني الدكتور حسن أبشر الطيب: ما عرفت إنسانا في حياتي اسمه مثل وصفه مثل الطيب صالح, فهو طيب إلي منتهي حدود الطيبة, وصالح تتجسد فيه سمات الشيوخ المتصوفين من عباد الله الصالحين, وهو الأمر نفسه الذي يؤكده الروائي المصري محمد البساطي, الذي يقول: إن الطيب صالح تمتع بحب كبير بين المثقفين المصريين بسبب شخصيته الظريفة وتواضعه وبساطته الحقيقية, فهو أديب بسيط غير متكلف وغير مصنوع.
أدب الطيب صالح مثله مثل أدب نجيب محفوظ ويحيي حقي وغيرهما من الأدباء العظام الذين تؤكد أعمالهم فكرة أن المحلية والخصوصية هي التي تقود إلي العالمية, وليس الاغتراب ومحاولة تقليد الآخرين. وقد عبر الطيب صالح بصدق ـ كما يقول الروائي المصري فؤاد قنديل ـ عن سمات البيئة السودانية المحلية, وكشف عن قيمها ومفرداتها ومعالمها وطقوسها ولهجاتها في نسق سردي مبهر, كما كشفت أعماله عن شخصية ثرية غير متعصبة وغير متحجرة.