aiman ahlamontada.net

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



3 مشترك

    خـايـن يـا طـرخـون

    Angel
    Angel
    Admin


    انثى
    عدد الرسائل : 862
    العمر : 94
    العمل : خـايـن يـا طـرخـون Player10
    المزاج : خـايـن يـا طـرخـون 6rb
    الهوايات : خـايـن يـا طـرخـون Writin10
    المدير : خـايـن يـا طـرخـون 1187177599
    جنسيتك : سوريا
    تاريخ التسجيل : 21/08/2008

    خـايـن يـا طـرخـون Empty خـايـن يـا طـرخـون

    مُساهمة من طرف Angel الأحد أكتوبر 05, 2008 2:26 am

    خـايـن يـا طـرخـون



    من بين ما نشأنا عليه في دمشق سماع نداءات الباعة في الأسواق والأزقة والحارات. كان هذا البيع يتم في الدكاكين، يذهب الناس إليها فيتسوقون، لكن هذا النوع من البيع لم يكن النوع الوحيد. كان الباعة يأتون إلى الناس في حاراتهم يحملون الخضار والفواكه وكل شيء تقريباً على ظهور الدواب، ويمرون بها أمام الأبواب وينادون. وكان لكل صنف نداؤه الخاص، حتى ليمكن القول إن هذه النداءات في مجملها كانت تشكل قاموساً شعبياً خاصاً، عشش في ذاكرتنا على الرغم من أن بعض هذه النداءات قد غيبه مضي الزمان. كان لليخنا نداؤها: "يخنا واطبخ" ممطوطة ممدودة، ويقال أن العبارة مأخوذة من جملة مسجوعة كانت متداولة قبل أن نولد: "يخنا واطبخ والجارية بتنفخ والولد عالباب عميقلّع الكلاب"، ربما لأن طبخة اليخنا تحتاج إلى لحم ومرق وعظم. اليقطين، وينادي عليه "أكلو شفا هاليقطين". الكوسا تشبّه بالموز: "موز يا كوسا" و"أسود مثل الليل يا بيتنجان"، فسواد الباذنجان دليل على جودته. البندورة حمراء، وينادى عليها بتسبيق الصفة: "حمرا يا بندورة" و"أصابيع البوبو يا خيار". والبطاطا الجيدة تنسب إلى البلدة التي تنتجها: "يبرودية يا بطاطا"، والفاصولياء: "بلا نسر يا فاصوليا"، أي أن الفاصولياء خالية من القشور الرفيعة.

    كان الشلّيف، الذي يبيع بضاعته بوضعها في شليف تحمله دابة، ينادي على بضاعته. صحيح أنه كان يحمّل بضاعة مختلفة بين يوم وآخر، لكنه كان ينادي على كل بضاعة بندائها الخاص المتوارث. وقبل أن أستعرض النداءات الخاصة ببعض السلع، عليّ أن أقرب إلى أذهان من لا يعرف صورة الشليف الذي كانت البضاعة توضع فيه. الشليف شادر كبير يخيط بشكل قارب، له عمق ملحوظ من جانبيه، وعندما يضعه البائع على ظهر الدابة يتدلى جانباه عن يمين ويسار الدابة، وتوضع البضاعة في هذين الجنبين. ومع أن الباعة الجوالين بدوابهم، أي الشلّيفة، قد انحسر دورهم، فإن بعضهم لا يزال يعمل إلى الآن، لكن سيأتي يوم قريب يغيبون فيه إلى الأبد. الشلّيفة كانوا ينادون ترويجاً لبضاعتهم وإعلاناً عنها؛ وكم من مرة سمع أهلنا وهم في غرفهم شليفاً ينادي على الثوم: "عازته عازة هالتوم"، أي أن حاجته حاجة، فقالوا "فعلاً عازته عازة!" وهبّوا لشرائه؛ أو قاموا لمساومة بائع بصل كان ينادي "للمونة يا بصل" أي للادخار، وكلمة "المونة" جاءت من بيت المونة، أي المكان الذي تدخر فيه الأرزاق في البيت. كانت المساومة تتم من وراء الباب إذا كان الشاري امرأة، وكانت تتم بخروج الرجل إلى حيث الشليف على الدابة وفحص البضاعة بدقة، وإذا كانت البضاعة بطيخاً حمل الرجل واحدة وخبط عليها، وكان هناك من يعرف البطيخة الحمراء الجيدة من الخبط عليها، ومن كان لا يتقن هذا الفحص كان البائع يغريه "عالمكسر!" وكثيراً ما كنا نسمع باعة البطيخ ينادون "عالمكسر"، وأحياناً كانوا ينادون "عالسكين"، أي أن البائع مستعد لذبح البطيخة، وإذا لك تكن حمراء اختار الشاري غيرها.

    التماري والكعك... أكلة شعبية تتناول في الصباح، وكنا أيام زمان نحبها ونترقبها. كنا نسمع البائع ينادي: "تماري وكعك"، فنهرع إليه ونشتري منه. ومن الحلوى التي كان النداء المروج لها يجذبنا إليها الحلوى التي كان صاحبها ينادي عليها: "حلّي سنونك" أي أسنانك، وكانت ممطوطة كالحلوى نفسها. النداء حدد اسم هذه الحلوى، وغير "حلّي سنونك" لم نعرف لها اسماً قط! ومن النداءات التي كان لها وقع خاص في آذاننا تلك التي كانت تتردد في الأشهر الفضيلة الثلاثة: رجب، شعبان، رمضان؛ فمع ظهور السكاكر التي تشبه الأساور العريضة، وكان اسمها "ليلة الله" (كانت تظهر في رجب تحديداً)، كنا نسمع صوت البائع ينادي "ليلة الله"، ومثله أكلة "الجرادئ" التي كان باعتها يطوفون بأقفاصهم القصبية وينادون: "ناعم .. يا ناعم".

    ومن النداءات التي كانت تحيرنا أيام زمان في دمشق النداء الخاص بالكستناء: "مال وارنا". كنا نسمع هذا النداء دون أن نعرف ماذا كانت "وارنا" تعني، والفهيم فينا من كان يجتهد ويقبل أن الكستناء مجلوبة من مكان اسمه "وارنا". ولما كبرنا عرفنا أن "وارنا" هي "فارنا" (بلدة بلغارية على ساحل البحر الأسود)، وأن النداء على الكستناء بأنها مال وارنا يعني أنها مستوردة من هذا البلد البعيد. الباعة كانوا ينسبون بعض الفاكهة والخضار إلى بلاد ومدن بعينها: "حموي يا مشمش"، ومن النداءات التي كنا نسمعها في آخر مواسم المشمش: "آخر أيامك يا حموي" نسبة إلى مدينة حماة التي يكثر فيها. وكان النداء الخاص بالبرتقال الذي لم أنسه قط نداء بائع البرتقال في سوق الهال والذي يقول فيه "رطل البردقان بخمسة، تعا كول بالشمسة!" فبالسليقة الشعرية العفوية خرج هذا النداء. وكان للموز نداؤه الخاص: "أبو نقطة يا موز" إشارة إلى هذا النوع الذي كان مشهوراً بالنقاط السوداء التي تظهر على قشرته. وكانوا ينادون على الدراق: "الله يرحم اللي نصب" أي رحمة الله على من زرعه. وكانوا ينادون على العنب بأنواعه: "زيني يا عنب"، "ديراني يا عنب"، "حلم البنات يا عنب". وللسفرجل كانوا ينادون "للمعقود يا سفرجل"

    كان كل شيء يظهر في أوان ويختفي في أوان، ولم تكن الثلاجات والفريزرات قد عرفت، وكنا نأكل الخضار والفاكهة في مواسمها. وكان النداء الذي ألفنا سماعه في الأيام الأخيرة لكل فاكهة أو خضرة "الأكلة والوداع" يخرجها البائع من فمه عريضة منغمة، فيها رنة أسف. وإذا ظهرت فاكهة أو خضرة في غير أوانها، كان البائع ينادي متباهياً بذلك: "لا بالأوان".

    وكان يخلب لبّنا من النداءات أيام زمان نداءات المشترين، جماعة امتهنت شراء الأثاث والأشياء القديمة، يطوف رجالها الأزقة والحارات ينادون: "اللي عندو طقومة، اللي عندو تخوتة، اللي عندو خزانات". كان هؤلاء يسمون حرامية النهار؛ كانوا يستغلون حاجة المحتاج فيشترون كل شيء يعرض عليهم بالزهيد من المال، ويعودون بغنائمهم إلى سوق الأروام (في مدخل سوق الحميدية) لترميمه وإعادة بيعه بأضعاف مضاعفة. كان هؤلاء يطوفون اثنين اثنين أو ثلاثاً، ويحدثون جلبة: "اللي عندو طقومة، اللي عندو خزانات، اللي عندو كراسي، اللي عندو طاولات، اللي عندو ماكينات". كان النداء يتم بنفس واحد ونغم واحد، وكان هذا يخلب لبّنا!

    وكان يخيفنا الرجل حامل الكيس الكبير على ظهره، الذي كان يطوف وحيداً في الأزقة والحارات وينادي: "أواعي عتق للبيع، صبابيط عتق للبيع..." وكان مبعث خوفنا منه أن الأهل كانوا يهددوننا به. كانوا يقولون أنهم سيبيعوننا إليه إذا خالفنا أوامرهم أو عذبناهم. صورتان انقرضتا أو أنهما في طريقهما للانقراض.

    وما أكثر النداءات العالقة في الذهن، ومنها ما كان ترويجاً لسلعة وإعلاناً عنها، وبعضها كان توضيحاً للمهمة التي يقوم بها المنادي: "مصلح بوابير كاز". كان الرجل يحمل على ظهره صندوقاً صغيراً فيه عدته وينادي: "مصلح بوابير كاز.. مصلح حنفيات". وكانت بوابير الكاز عصب الحياة البيتية والمطابخ قبل أن نستعمل مواقد الغاز، ويوم ظهرت ألغت الكوانين التي ما كان مطبخ يخلو منها. حل الكاز محل الحطب في الطهي أيضاً، وظهرت مهنة مصلحي بوابير الكاز. وكان هؤلاء يسعون إلى الزبائن أكثر ما يسعى الزبائن إليهم في محالهم. ومثل هؤلاء المبيّضون الذي كانوا يبيّضون الأواني النحاسية في الطريق أمام المنازل. كان واحدهم ينادي "مبيّض.. مبيّض" فيخرج صاحب البيت أوانيه الصدئة لتبييضها، وينطرها لئلا يهرب المبيض المزيف بها. وكان "المجلّخ" بدولابه الكبير ينادي: "مجلخ.. مجلخ" وكنا نعطيه الأمواس والسكاكين التي تحتاج إلى جلخ، فيدير دولابه برجله ويشحذها على مسنّه. وغالباً ما كان مهاجرو الأفغان يقومون بهذه المهنة التي انقرضت في دمشق. ومن النداءات التي لم نعد نسمعها نداءات الرجال الذي كانوا يحملون خيزرانات طويلة "سجاد.. سجاد.. منفّض سجاد". كان هؤلاء ينفضون السجاد لقاء مبلغ متفق عليه.

    وإذا كان للذاكرة أن تمحو نداءً ما، فإن نداءً واحداً لا يمحى. إنه نداء الغجرية التي كانت تطوف الحارات والأزقة تحمل رضيعها على ظهرها كأنه بقجة ثياب، وتنادي: "منجمة مطلعة .. بشوف البخت .. بفتح الفال". كان لهذا النداء سحره الخاص عند النساء بخاصة، وكثيراً ما استجابت أمهاتنا وأخواتنا له. ودعون المنجمة لمعرفة ما يقوله "الودع" بشأن المستقبل. وكان الفضول يستحثنا لسماع المنجمة، وكان أهلنا يؤنبونا على ذلك ويطردوننا.

    كان ينادون على نبات الطرخون "خاين..." وسألنا عن سبب هذا النداء، فقيل إن الطرخون يزرع في مكان فينبت في مكان آخر، ولهذا سمّي خائناً، وكرس النداء على صفته. وعلى العرقسوس كان صاحب القربة ينادي: "خمير... خمير"، وكان الرجل الواقف وراء حلّة الشوندر ينادي: "عسل.. عسل". وفي موسم الصبارة كان بائع الصبارة المبردة ينادي "مزاوية يا حلوة" نسبة إلى منطقة المزة التي كانت حواكير الصبارة تكثر فيها. وكان حامل شليف الخس ينادي: "الله الدايم .. الله الدايم". وكان باعة التوت الشامي يحملونه في طسوت صغيرة وينادون عليه في مواسمه المحددة: "أكلو شفا هالشامي!" وفي موسمها كان الباعة ينادون على العوجا، أي على اللوز الأخضر: "أول فواكي الشام يا عوجا". وكانت العوجا أول فواكه الشام فعلاً؛ كنا نراها في أواخر الربيع يبيعها الباعة مع الجانرك ومع القرعون، أي المشمش الأعجر.

    كان بائع رؤوس الخرفان المسلوقة يحملها مع أدواتها في فرش ويطوف بها وينادي "نيفا.. نيفا"، وقلة ظلوا يعرفون أن لها هذا الاسم إلى اليوم، وقلة من يذكرون بائع النيفا الذي كان يأتي إلينا بأكلته بدل أن نذهب إليه. وكان باعة أكلة الصفيحة، أي اللحم بعجين، يطوفون بها أيضاً وينادون "تازة وسخنين". وكان بائع خبز "المعروك" يطوف به في رمضان وينادي: "كلّو مشانك صايم.."

    نداءات ونداءات... قاموس ضخم من التعابير المناسبة التي كانت تطلق على السلع المتداولة في الأسواق. كان ينادى عليها سواء أكانت في محالها أم كانت محمولة على رؤوس الباعة أو على ظهور الدواب. حتى البقدونس والكزبرة كان الفلاح القادم بنفسه ودابته لبيعهما ينادي "كزبرة طرية .. سبانخ طرية.. إلخ" ومثله كان بائع الزعبوب: "درن درن يا زعبوب .. البزر بن يا زعبوب". وكم كنا أيام زمان نحب هذه الأكلة التي لا أعرف إلى اليوم إن كانت فاكهة أو نبتة برية.
    النمر
    النمر
    عضو جديد


    ذكر
    عدد الرسائل : 5
    تاريخ التسجيل : 30/08/2008

    خـايـن يـا طـرخـون Empty رد: خـايـن يـا طـرخـون

    مُساهمة من طرف النمر الأحد أكتوبر 05, 2008 11:10 am

    الله يعطيكي العافيه
    وشكرا :happy 1:
    Angel
    Angel
    Admin


    انثى
    عدد الرسائل : 862
    العمر : 94
    العمل : خـايـن يـا طـرخـون Player10
    المزاج : خـايـن يـا طـرخـون 6rb
    الهوايات : خـايـن يـا طـرخـون Writin10
    المدير : خـايـن يـا طـرخـون 1187177599
    جنسيتك : سوريا
    تاريخ التسجيل : 21/08/2008

    خـايـن يـا طـرخـون Empty رد: خـايـن يـا طـرخـون

    مُساهمة من طرف Angel الإثنين أكتوبر 06, 2008 1:01 am

    اهلين بالنمر ويعافيك الله شكراً على مرورك وتنويرك هالصفحة :happy 1:
    Admin
    Admin
    Admin


    ذكر
    عدد الرسائل : 920
    العمر : 50
    المزاج : مبسوط
    المزاج : خـايـن يـا طـرخـون Love
    الهوايات : خـايـن يـا طـرخـون Sports10
    المدير : خـايـن يـا طـرخـون 970
    تاريخ التسجيل : 18/08/2008

    خـايـن يـا طـرخـون Empty رد: خـايـن يـا طـرخـون

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة نوفمبر 21, 2008 2:38 am


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 6:45 am